عَنْ نَفْسِكَ ودَفْعِ هَذَا اَلْأَمْرِ عَنْكَ لِيَقُولَ اَلنَّاسُ أَنَّكَ زَاهِدٌ فِي اَلدُّنْيَا.
فَقَالَ اَلرِّضَا عليه السلام : واَللَّهِ مَا كَذَبْتُ مُنْذُ خَلَقَنِي رَبِّي عَزَّ وجَلَّ ومَا زَهِدْتُ فِي اَلدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وإِنِّي لَأَعْلَمُ مَا تُرِيدُ!
فَقَالَ اَلْمَأْمُونُ: ومَا أُرِيدُ؟
قَالَ: اَلْأَمَانُ عَلَى اَلصِّدْقِ؟
قَالَ: لَكَ اَلْأَمَانُ. قَالَ: تُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ اَلنَّاسُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى لَمْ يَزْهَدْ فِي اَلدُّنْيَا بَلْ زَهِدَتِ اَلدُّنْيَا فِيهِ أَ لاَ تَرَوْنَ كَيْفَ قَبِلَ وِلاَيَةَ اَلْعَهْدِ طَمَعًا فِي اَلْخِلاَفَةِ؟
فَغَضِبَ اَلْمَأْمُونُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ تَتَلَقَّانِي أَبَدًا بِمَا أَكْرَهُهُ وقَدْ أَمِنْتَ سَطْوَتِي فَبِاللَّهِ أُقْسِمُ لَئِنْ قَبِلْتَ وِلاَيَةَ اَلْعَهْدِ وإِلاَّ أَجْبَرْتُكَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وإِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ!
فَقَالَ اَلرِّضَا عليه السلام : قَدْ نَهَانِيَ اَللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أَنْ أُلْقِيَ بِيَدِي إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ فَإِنْ كَانَ اَلْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَافْعَلْ مَا بَدَا لَكَ وأَنَا أَقْبَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنِّي لاَ أُوَلِّي أَحَدًا ولاَ أَعْزِلُ أَحَدًا ولاَ أَنْقُضُ رَسْمًا ولاَ سُنَّةً وأَكُونُ فِي اَلْأَمْرِ مِنْ بَعِيدٍ مُشِيرًا فَرَضِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ وجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِذَلِكَ».[1]
[1] الصدوق: عيون أخبار الرضا ٢/ ١٥٢، وعلل الشرائع ١/٢٧٦ والأمالي.