وأمّا من جهة التعليم والتعلّم، فإنّه لا إشكال في تقدّمه على سائر العلوم كما هو مقدّم على الفقه، لكونه مقدّمة له إذ من لا يعلم قواعد الاُصول يعجز عن استنباط الأحكام الشرعيّة الفقهيّة، ولذلك نجد أنّ الاُصوليّين عرّفوا علم الاُصول بأنّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة، وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان.
{aالجهة الثانية:a} في تعريف علم الاُصول
فقد عرّفه الاُصوليّون بتعاريف متعدّدة لا ضرورة لذكر جميعها وما اُورد عليها من عدم الاطّراد والانعكاس، لعدم ترتّب ثمرة علميّة عليه، وإن كان لا يخلو عن فائدة في الجملة، ولذلك نكتفي بذكر بعضها، بل عرّفه المشهور بأنّه:
(العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة).
وقد أورد عليه في «الكفاية»: بلزوم خروج مثل مسألة حجّية الظنّ على الحكومة، ومسائل الاُصول العمليّة في الشبهات الحكميّة، وعدّهما من الاُمور المطردة في علم الاُصول، لأنّ حجّية الظنّ على الحكومة ليس حكماً شرعيّاً حتّى يكون واقعاً في طريق استنباط الحكم الشرعي، كما هو كذلك في الاُصول العمليّة من البراءة العقليّة والتخيير العقلي، دون الشرعي منها، لو لم يكن الشرعي أيضاً كذلك، إذا كان مقتضى البراءة هو نفي الإلزام إلاّ مع الالتزام بأنّ الحكم هو الأعمّ من النفي والإثبات.
بل وكذلك الأمر في البراءة الشرعيّة حيث ليس فيها جعل للحكم الشرعي حتّى يقال بوقوع أدلّتها في طريق الاستنباط، إذ أنّ معناها سلب الحكم عن المكلّف الشاكّ والجاهل، كما هو الحال في دلالة أصلي الحلّ والإباحة من