نام کتاب : المفردات في غريب القرآن - مع ملاحظات العاملي (الكوراني) نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 0 صفحه : 19
«يُكلم به خلقه» يدل على استمرار تكليم الله تعالى للخلق بالقرآن . وهذا خارج موضوعنا .
ومن آيات الله تعالى التي يخشع أمامها الباحث المنصف: أن اللغة تُولد وتتكون تلبيةً لحاجة مجتمعها ، فعندما يطرأ لهم معنى يضعون له كلمة تُعَبِّرُ عنه ، فمفردات اللغة ومعانيها ، تناسب دائماً حاجة ذلك المجتمع ولا تزيد عنها .
لكن اللغة العربية استثناءٌ من ذلك ، لأن المجتمع العربي لم يكن له حاجات بحجم لغته ، ولا طرأت عليه معان أحوجته الى وضع هذه الثروة الواسعة من الألفاظ . فهو مجتمع صحراوي أو زراعي بسيط ، لكن لغته شجرةٌ عملاقةٌ بين لغات العالم ! وسبب ذلك أن أهلها عشقوها وطوروها ، رغم قلة حاجهتم .
وهذا يعني أن إرادة الله الغيبية تدخلت وأعدت اللغة العربية لينزل بها القرآن .
وقد شهد المستشرقون بتميُّز اللغة العربية ، وعُلُوِّ مستواها عن الحاجة الطبيعية لشعوبها ، فقال فيليب حِتِّي «مجلة البيان :٢٠٤/٩»: « والعرب لم يبدعوا أن ينشئوا فناً عظيماً خاصاً بهم ، من الفنون المعروفة ، ولكنهم عبروا عن الغريزة الفنية بصورة واحدة هي الكلام . فإن فاخَرَ الإغريقي بما عنده من تماثيل الفن ومنشآت هندسة البناء ، فالعربي يرى قصيدته أفضل ما يعبر عن خلجاته الداخلية » .
النص ضرورةٌ أزليه للدين
كان النص ضرورة للدين الإلهي منذ أسكن الله آدم في الأرض ، لأنه الخريطة والبوصلة التي تضبط له الفهم والتطبيق ، وتضع حداً للخلاف .
ولذلك علم الله آدم وأبناءه^القراءة ، وأنزل عليهم صحفاً في أصول الدين والحياة ، وقد روت ذلك مصادر السنة والشيعة . ففي الخصال/٥٢٤ ، للصدوق ، وسنن البيهقي:٩/١٨٨ ، وصحيح ابن حبان: ٢/٧٧ ، وغيرها ، عن أبي ذر &:« قلت: يا رسول الله ، كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب ، أنزل الله على شيث خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشـرين صحيفة ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان . قلت: يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالاً كلها وكان فيها: أيها الملك المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها وإن كانت من كافر . وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عز وجل ، وساعة يحاسب نفسه ، وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه ، وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال ، فإن هذه الساعة عونٌ لتلك الساعات واستجمام للقلوب ، وتوزيع لها .
نام کتاب : المفردات في غريب القرآن - مع ملاحظات العاملي (الكوراني) نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 0 صفحه : 19