نام کتاب : اميرالمؤمنين الامام علي عليه السلام نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 170
وقد
مر علينا في صفحات سابقة كيف أنه رفض منطق التفضيل وساوى بين الناس على أساس
الإسلام، ولم يقبل بتمييز بعضهم في العطاء، وهو ـ بالإضافة إلى أمور أخر ـ حركت
طلحة والزبير وأشباههم لمعارضة الإمام، ومقاتلته فيما بعد.
7/
وبمقدار ما كان الإمام عليه السلام حازمًا في محاربة الفساد ورموزه، فقد كان عادلا
ومنصفًا مع معارضيه، وبعبارة أخرى كان على الطرف المعاكس مما يجده المسلمون اليوم،
ففيما تشتد الوطأة على كل صوت غير موافق، ويرسل للسجن ـ وأحيانا للمقبرة ـ من
يخالف ويعارض، تكون اليد شديدة النعومة على أيقونات الفساد ورموز سرقات المال
العام، وقد لا يصيبه شيء سوى أن يعزل من منصبه بهدوء وصمت!
فقد
وجدنا في سياسة أمير المؤمنين عليه السلام خلاف ذلك تمامًا، ففيما عزل الفاسدين،
وراقب العمال، وحذر الوكلاء، وضغط على من يحاول الاستفادة من قرابته لأمير
المؤمنين، فقد سمح لمن يعترض وينصح بل رتب الأثر على ذلك، فهذه سَوْدَة بنت
عمَارَة الهمدانية تشكو أحد ولاته إليه ويعزله بكتاب مفتوح أعطاها إياه.. وهذا
يعتبر من المستحيلات في هذه الأزمنة.[1]
[1]) ذكر
ذلك العباس الضبي في كتابه أخبار الوافدات من النساء على معاوية بن أبي سفيان ص68
وفيه قالت بعد أن شكت ابن أرطاة وظلمه، فهددها حينها : " رفعت راسها وَهِي تَقول …
صلى
إلإله على روح تضمنها … قبر فَأصْبح فِيهَا الْعدْل مَدْفُونا
قَالَ:
وَمن ذَلِك؟ قَالَت: عَليّ بن أبي طَالب عليه السلام قَالَ وَمَا علمك بِهِ؟ قَالَت: اتيته فِي رجل ولاه صَدَقَاتنَا
لم يكن بَيْننَا وَبَينه إِلَّا مَا بَين الغث والسمين فَوَجَدته قَائِما يُصَلِّي
فَلَمَّا نظر الي انْفَتَلَ من صلَاته ثمَّ قَالَ لي برأفة وَتعطف: ألك حَاجَة؟ فأخبرته
الْخَبَر فَبكى ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت الشَّاهِد عَليّ وَعَلَيْهِم إِنِّي
لم آمرهم بظُلْم خلقك وَلَا بترك حَقك ثمَّ اخْرَج من جيبه قِطْعَة جلد كَهَيئَةِ
طرف الجراب ثمَّ كتب فِيهَا:
«بِسم
الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (قد جَاءَكُم بَيِّنَة من ربكُم فأوفوا الْكَيْل)،
{وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تعثوا فِي الأَرْض
مفسدين بَقِيَّة الله خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ}
إِذا أتاك كتابي هَذَا فاحتفظ بِمَا فِي يَديك من عَملنَا حَتَّى يقدم عَلَيْك من
يقبضهُ مِنْك وَالسَّلَام فَأَخَذته وَالله وَمَا خزمه بخزام وَلَا خَتمه بطين».
نام کتاب : اميرالمؤمنين الامام علي عليه السلام نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 170