فنزل الحسين عن ظهر جواده، أجلسها في حجره ودموعها تتحادرُ على خديها، قالت: يَا أَبَهْ(أراك قد) اسْتَسْلَمْتَ لِلْمَوْتِ؟ فَقَالَ: كَيْفَ لَا يَسْتَسْلِمُ (للموت) مَنْ لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُعِينَ! فَقَالَتْ: (إذن) يَا أَبَهْ رُدَّنَا إِلَى حَرَمِ جَدِّنَا فَقَالَ هَيْهَاتَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا (ليلاً) لَنَام[1]. (يعني بنية: هذا خارجٌ عن إرادتنا، فإن القوم قد أكرهونا وألجأونا وسدوا علينا الطرق، كما تكره طيور القطا على الطيران ليلاً وتثار في أماكنها)[2].
فصبرها الحسين عليه السلام وودَّعها بقوله:
سيطولُ بعدي يا سكينةُ فاعلمي
منكِ البُّكاءُ إذا الحِمامُ دَهاني
لا تُحرقي قَلبي بدمعِكِ حَسـرةً
مادام منِّي الرُّوحُ في جُثماني
فإذا أنَا قُتِلتُ فأَنتِ أولى بالَّذي
تأتينَهُ يَا خِيرةَ النِّسوانِ
نصاري
يبويه انروح كل احنا فداياك
اخذني للقبر يحسين وياك
اهي غيبة يبوي واگعد اتناك
وگولن سافر أو يومين يسدر
يبويه گول لا تخفي عليه
هذي روحتك يو بعد جيه
يبوي انچان رايح هاي هيه
خذني اوياك عنك مقدر اصبر
[1] بحار الأنوار 45: 47، من دون ما بين القوسين، فهي لتحسين الوقع على السمع.
[2] هذه التعليقة أولى مما جاء به سماحة الشيخ حفظه الله، للحاجة إليها. وقد أشار إلى ذلك في الحاشية من بحار الأنوار 45: 2.