كَانَ عِنْدَكَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشَاوَرَةَ وَلَا تَدَعْ شُكْرَهُ عَلَى مَا بَدَا لَكَ مِنْ إِشْخَاصِ رَأْيِهِ وَحُسْنِ وَجْهِ مَشُورَتِهِ فَإِذَا وَافَقَكَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَقَبِلْتَ ذَلِكَ مِنْ أَخِيكَ بِالشُّكْرِ وَالْإِرْصَادِ بِالْمُكَافَاةِ فِي مِثْلِهَا إِنْ فَزِعَ إِلَيْكَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا حَقُّ الْمُسْتَنْصِحِ فَإِنَّ حَقَّهُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَيْهِ النَّصِيحَةَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي تَرَى لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيَخْرُجَ الْمَخْرَجَ الَّذِي يَلِينُ عَلَى مَسَامِعِهِ وَتُكَلِّمَهُ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا يُطِيقُهُ عَقْلُهُ فَإِنَّ لِكُلِّ عَقْلٍ طَبَقَةً مِنَ الْكَلَامِ يَعْرِفُهُ وَيُجِيبُهُ وَلْيَكُنْ مَذْهَبُكَ الرَّحْمَةَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا حَقُّ النَّاصِحِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ جَنَاحَكَ ثُمَّ تَشْرَئِبَّ لَهُ قَلْبَكَ وَتَفْتَحَ لَهُ سَمْعَكَ حَتَّى تَفْهَمَ عَنْهُ نَصِيحَتَهُ ثُمَّ تَنْظُرَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ وُفِّقَ فِيهَا لِلصَّوَابِ حَمِدْتَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلْتَ مِنْهُ وَعَرَفْتَ لَهُ نَصِيحَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُفِّقَ لَهَا فِيهَا رَحِمْتَهُ وَلَمْ تَتَّهِمْهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُكَ نُصْحاً إِلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مُسْتَحِقّاً لِلتُّهَمَةِ فَلَا تَعْنِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا حَقُّ الْكَبِيرِ فَإِنَّ حَقَّهُ تَوْقِيرُ لسِنِّهِ وَإِجْلَالُ إِسْلَامِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيمِهِ فِيهِ وَتَرْكُ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَامِ لَا تَسْبِقُهُ إِلَى طَرِيقٍ وَلَا تَؤُمُّهُ فِي طَرِيقٍ وَلَا تَسْتَجْهِلُهُ وَ إِنْ جَهِلَ عَلَيْكَ تَحَمَّلْتَ وَأَكْرَمْتَهُ بِحَقِّ إِسْلَامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإِنَّمَا حَقُّ السِّنِّ بِقَدْرِ الْإِسْلَامِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.