هَذَا إِذْ كَانَ سَبَباً مِنْ أَسْبَابِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَتَرْجُو لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْراً فَإِنَّ أَسْبَابَ النِّعَمِ بَرَكَةٌ حَيْثُ مَا كَانَتْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا حَقُّ مَنْ سَاءَكَ الْقَضَاءُ عَلَى يَدَيْهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَإِنْ كَانَ تَعَمَّدَهَا كَانَ الْعَفْوُ أَوْلَى بِكَ لِمَا فِيهِ لَهُ مِنَ الْقَمْعِ وَحُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ كَبِيرِ أَمْثَالِهِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى قَوْلِهِ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ هَذَا فِي الْعَمْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمْداً لَمْ تَظْلِمْهُ بِتَعَمُّدِ الِانْتِصَارِ مِنْهُ فَتَكُونَ قَدْ كَافَأْتَهُ فِي تَعَمُّدٍ عَلَى خَطَاءٍ وَرَفَقْتَ بِهِ وَ رَدَدْتَهُ بِأَلْطَفِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِكَ فَإِضْمَارُ السَّلَامَةِ وَنَشْرُ جَنَاحِ الرَّحْمَةِ وَالرِّفْقُ بِمُسِيئِهِمْ وَتَأَلُّفُهُمْ وَاسْتِصْلَاحُهُمْ وَشُكْرُ مُحْسِنِهِمْ إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَيْكَ فَإِنَّ إِحْسَانَهُ إِلَى نَفْسِهِ إِحْسَانُهُ إِلَيْكَ إِذَا كَفَّ عَنْكَ أَذَاهُ وَكَفَاكَ مَئُونَتَهُ وَحَبَسَ عَنْكَ نَفْسَهُ فَعُمَّهُمْ جَمِيعاً بِدَعْوَتِكَ وَانْصُرْهُمْ جَمِيعاً بِنُصْرَتِكَ وَأَنْزِلْهُمْ جَمِيعاً مِنْكَ مَنَازِلَهُمْ كَبِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ وَصَغِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَأَوْسَطَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ فَمَنْ أَتَاكَ تَعَاهَدْتَهُ بِلُطْفٍ وَرَحْمَةٍ وَصِلْ أَخَاكَ بِمَا يَجِبُ لِلْأَخِ عَلَى أَخِيهِ.