نام کتاب : والد المهدي الامام العسكري نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 52
برغبة
الناس أو الفئة المسيطرة، فما دامت هذه قائمة فإن خلافته ثابتة، وأما لو اختل الأمر
بحيث انقلب عليه جنوده أو ثار عليه العامة، فلا معنى لكونه خليفة حينها لأن خلافته
مرتبطة بهم، ولذلك وجدنا في زمان الإمام العسكري وابيه الهادي عليهما السلام، أنه
تم خلع وقتل ستة خلفاء خلال حوالي عشر سنوات!
لكن
الإمامة في نظر الشيعة ليست منصبًا مرتبطًا بالناس أو الجهات السياسية أو العسكرية،
وإنما هي تعيين الهي وولاء ديني من قبل المؤمنين وطاعة.
3/ اشتراط
العصمة الكاملة : كون هذا الشخص منتخَبًا من الله تعالى
يقتضي أن تكون فيه ولديه ميزات ليست عند غيره، وإلا فلا معنى لتقديمه عليهم إذا
كان متساويًا معهم (فضلا عما لو كان دونهم)، ومن تلك الميزات: أنه معصوم عن الذنب
صغيره وكبيره، والخطأ والنسيان.
وقد
ذكر علماء الكلام مبررات هذه الميزات والأدلة القائمة عليها، نظريًّا فإنه
لو لم يكن معصوما عن كل خطيئة بل حتى عن الغفلة لما صح أن يأمر الله بطاعته على
نحو الإطلاق،[1]ولكان
[1]) فقد ذكر في تفسير قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء: 59، أن مقتضى إطلاق
الطاعة لأولي الأمر وعدم تقييدها بحال دون حال لا سيما مع اقترانها بطاعة الله
وطاعة الرسول يعني أن ( أولي الأمر) هنا هم المعصومون، وإلا لو فرض طاعة أناس وكان
من الممكن أن يتعمدوا الذنب لفرض طاعة الفاسقين، ولأمروا ربما بمعصية رب العالمين!
فلا بد إما أن يقيد الطاعة لو كانت لكل صاحب أمر! أو أن يكون أولو الأمر هؤلاء
معصومين فيأمر بطاعتهم مطلقا وفي جميع الحالات.
وقد
أشار إليه بعض أعاظم مفسري مدرسة الخلفاء كالفخر الرازي الذي قال في تفسيره مفاتيح الغيب 10/ 113 في تفسير الآية: « انَّ اللَّهَ تَعالى أمْرَ
بِطاعَةِ أُولِي الأمْرِ عَلى سَبِيلِ الجَزْمِ في هَذِهِ الآيَةِ، ومَن أمَرَ
اللَّهُ بِطاعَتِهِ عَلى سَبِيلِ الجَزْمِ والقَطْعِ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ
مَعْصُومًا عَنِ الخَطَأِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا عَنِ الخَطَأِ كانَ
بِتَقْدِيرِ إقْدامِهِ عَلى الخَطَأِ يَكُونُ قَدْ أمَرَ اللَّهُ بِمُتابَعَتِهِ،
فَيَكُونُ ذَلِكَ أمْرًا بِفِعْلِ ذَلِكَ الخَطَأِ، والخَطَأُ لِكَوْنِهِ خَطَأً
مَنهِيٌّ عَنْهُ، فَهَذا يُفْضِي إلى اجْتِماعِ الأمْرِ والنَّهْيِ في الفِعْلِ
الواحِدِ بِالِاعْتِبارِ الواحِدِ، وإنَّهُ مُحالٌ، فَثَبَتَ أنَّ اللَّهَ تَعالى
أمَرَ بِطاعَةِ أُولِي الأمْرِ عَلى سَبِيلِ الجَزْمِ، وثَبَتَ أنَّ كُلَّ مَن
أمَرَ اللَّهُ بِطاعَتِهِ عَلى سَبِيلِ الجَزْمِ وجَبَ أنْ يَكُونَ مَعْصُومًا
عَنِ الخَطَأِ، فَثَبَتَ قَطْعًا أنَّ أُولِي الأمْرِ المَذْكُورِ في هَذِهِ
الآيَةِ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مَعْصُومًا».. ولكنه على أثر تقيده باعتقاداته قال:
غير أنّا في
زَمانِنا هَذا عاجِزُونَ عَنْ مَعْرِفَةِ الإمامِ المَعْصُومِ، عاجِزُونَ عَنِ
الوُصُولِ إلَيْهِمْ، عاجِزُونَ عَنِ اسْتِفادَةِ الدِّينِ والعِلْمِ مِنهم.. الخ ولو أنه فتح بصيرة قلبه
وتذكر حديث الثقلين لاهتدى لمعرفة الإمام المعصوم ووصل إليه!
نام کتاب : والد المهدي الامام العسكري نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 52