و التحقيق
أنّ مادّة برأ- و- برى- متقارب أحدهما من الآخر، و الأصل الجامع الواحد فيها: هو التباعد من النقص و العيب، سواء كان في مرحلة التكوين أو بعده.
و من هذا المعنى يتفرّع مفهوم التسوية و النحت لشيء، فانّه باعتبار رفع النقص و تكميله بالنسبة الى ما يقصد منه، فانّ النقص و الكمال في كلّ شيء بحسبه.
و هكذا مفهوم الخلق أى التكوين و الإيجاد على كيفيّة: فانّ التكوين بعد التقدير، و الفعل بعد القوّة تكميل للشيء و رفع لجهات النقص و الضعف منه.
فحقيقة البرء و التبرئة: ترجع الى التكميل و رفع ثوائب الضعف.
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ*.
أى نزيه و متباعد من هذه العقيدة.
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ- 9/ 1.
أى تباعد من معاهدتهم.
وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ- 3/ 49.
أى أزيل هذا العيب و المرض.
وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي- 12/ 53.
أى لا أدّعى براءة نفسي من العيوب و النواقص، و الإبراء لقيام الحدث بالفاعل، و التبرأة للوقوع و النسبة الى المفعول.
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا 2/ 166.
أى أخذوا البراءة منهم.
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها- 57/ 22.
أى قبل أن نوجد و نكوّن المصيبة، فقد كتبت و ثبتت عند اللّه المتعال و في