فيعلم من هذه الجملة أنّ مرتبة البرء بعد الخلق و قبل التصوير،
فالخلق مقام التقدير، و البرء مقام التكوين و الإيجاد على وفق ما قدّر، و التصوير
تعيين الخصوصيّات.
فحقيقة الخلق هو إيجاد مع التقدير، و التقدير الكلّى العلمىّ اوّل
مرحلة التكوين، و إذا انتهى التقدير الى مقام العمل و الفعليّة و الإيجاد الخارجي
فهوالبُرْءُ،ثمّ مقام التصوير.
و يطلق الخلق عرفا على مجموع هذه المراتب من التقدير و التكوين و
التصوير، إذ هو أعمّ من الجهة النظرىّ العلمىّ و العمليّ الخارجىّ.
ذكر هذا الاسم في هذا المقام أنسب من اسم الخالق، فانّ التوبة تناسب
الرجوع و التوجّه الى من أوجد و كوّن دون من قدّر الخلق.
و في هذا التعبير لطف آخر، و هو الإشارة الى أنّ اللّه المتعال
أوجدهم مبرّؤون من النواقص و العيوب و أكمل وجودهم و أنهى ما قدّر الى الفعليّة،
فلازم لهم أن يتوبوا اليه شكرا و حمدا له تعالى.
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 1 صفحه : 241