في هذه الآيات الكريمة إشارة الى جعل الكتاب إماما و مقتدى و فيما
بين أيديهم، و هم واقعون خلفه مستضيئون بنوره مستفيدون من أحكامه، يراقبونه و
يجعلونه نصب أعينهم، و يرفعونه بالقراءة و الاعلان و الإفشاء.
و هذه المعاني إنّما تفهم من انتخاب هذه الكلمة. و أمّا القراءة
الصرفة فليست تدلّ على أزيد من النطق و التلفّظ و التوجّه الى المعنى- كما في
آيات:
يظهر من هذه الآيات الكريمة أنّ برنامج وظائف الأنبياء هو اراءة
الآيات و إعلامها و جعلها أمام امور حياتهم، و الآيات ما يدلّ عليه و على صفاته و
ما يعرّف عظمته و جلاله و جماله، من التكوين و التشريع.
فَالتَّالِياتِذِكْراً- 37/ 3- أى وجهة أمورهم و برنامج حياتهم
التذكّر للّه المتعال في السرّ و العلن.
تمّ
مصبا-تَمَالشيْءُيَتِمُبالكسر: تَكَمَّلت أجزاؤه، و تَمَّ الشهر: كملت عدّة أيّامه ثلاثين،
فهو تَامٌّ، و يعدّى بالهمزة و التضعيف فيقال أَتْمَمْتُهُ و تَمَّمْتُهُ، و
الاسمالتَّمَامُ. وتَتِمَّةُكُلِّ شيء تَمَامُ غَايَتِهِ، و
اسْتَتَمَّهُ مثل أَتَمَّهُ.
مقا- تمّ: أصل واحد منقاس، و هو دليل الكمال. يقال تمّ الشيء إذا
كمل، وأَتْمَمْتُهُأنا. و من هذا البابالتَّمِيمَةُ،كأنّهم يريدون أنّها تمام الدواء و
الشفاء المطلوب.
و التحقيق
أنّ التمام ما كملت أجزاؤه و لا يحتاج الى شيء خارج في اكتماله، و
يقابله الناقص و هو ما لم يتمّ. و أغلب استعمال التمام في الكمّيّات، كما أنّ أغلب
استعمال الكمال في الكيفيّات. و أيضا- إنّ التمام يصدق حيث كملت الأجزاء، و الكمال
إذا أضيفت اليها خصوصيّات اخر يزيدها حسنا و بهاء و تماما على تمام.
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 1 صفحه : 395