ظهور حالة السرور بالإطلاق في الحياة الدنيا مذموم، فانّ المؤمن بشره
في وجهه و حزنه في قلبه، و هو يدوم حزنه بلحاظ التوجّه الى قصوره و تقصيره في
العمل بوظائف العبوديّة، و الوحشة عن سوء العاقبة.
فالسرور المطلق في الدنيا علامة الجهل و الغفلة، و يقابله الخوف و
الخشية، و هذا خلاف السرور الحاصل للمؤمن في الآخرة، فانّه الفراغ عن العذاب، و
التخلّص عن الاضطراب، و الوصول الى جزيل الثواب.
قلنا إنّ السرور هو الانبساط و خلوص الباطن و يقابله مطلق الانقباض
بأيّ سبب كان، و الضرّ هو الشدّة و الضيق و سوء الحال، و الظاهر أنّ هذه الصيغة
للتأنيث صفة كحمراء.
و لا يخفى أنّ لبّ الإنسان و باطنه لا يخلو من إحدى الحالتين
السرّاء، و الضرّاء، و الإنسان لازم له أن يكون حاكما على الحالتين لا محكوما و
مغلوبا تحت تأثيرهما و اقتضائهما.
و أمّا تقديم السرّاء في الآية الاولى و تأخيرها في الثانية: فانّ
الإنفاق في السرّاء أشدّ اقتضاء للتقدير و التوجّه، من حالة الضرّاء و الشدّة. و
أمّا الثانيّة فانّ النظر فيها الى نزول العذاب و البأساء و الشدّة الى آبائهم-.أَخَذْنا أَهْلَها
بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنا ... الآية.
و يناسب هذه المعنى: مفهوم السريرة، و هو الحالة الباطنيّة القلبيّة
الخالصة، و باعتبار أنّ كلّ صفة مكنونة في القلب مستسرّة: يطلق على كلّ من هذه
الصفات أنّها سريرة، و جمعها سرائر.
و هكذا أسرار الكف و سرّة البطن و أسرّة الوجه و الحديث المستسرّ و
غيرها.
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 106