فانّ إبليس ليس له تفوّق و تسلّط على الإنسان من حيث إنّه إنسان من
جهة شخصه و لا بالجعل و لا بالإفاضة، نعم إنّه يغوي و يدعو الى الضلال و الفساد، و
ما لم يكن الإنسان ضعيفا فيه اقتضاء القبول للضلال: لا يقدر إبليس أن يغويه و
يضلّه.
و روح الإنسان و حقيقة وجوده إنّما يتقوّى و يقتدر و يتمكّن
بالارتباط و الايمان و التوكّل و التفويض و الاستقرار تحت حكومة اللّه العزيز
المتعال و في ظلّ ربوبيّته، و من كان مرتبطا و مستقرّا تحت الربوبيّة: فلا ضعف فيه
و لا اقتضاء في وجوده لقبول الإغواء و النفوذ و السلاطة.
فبيت القلب إذا كان في تصرّف الرحمن و تحت نفوذه و توجّهه و
ربوبيّته: لا يمكن للشيطان أن يتصرّف فيه و يكون عليه سلطان منه.
فيعلم من هذه الآيات الكريمة: أنّ من يكون متأثّرا من إغواء الشيطان
و متّبعا خطواته و عاصيا لربّه: فهو من جنود الشيطان كلّا أو في الجملة.
و لا يخفى أنّ السلاطة و السلطان: لم يطلق في اللّه تعالى و للّه في
كتاب اللّه المجيد، فانّ السلطان هو المتمكّن في تفوّق، و هذا المعنى يناسب الممكن
لا الواجب تعالى، فانّ صفات الواجب ذاتيّة لا زائدة.
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 179