سبق في التين و الزيتون: إنّهما من الأشجار ذات الفواكه الممتازة
اللذيذة المقوّمة للحياة الجسمانيّة، و الأخيران من الأماكن المقدّسة الّتي يتوجّه
فيها الى اللَّه المتعال، فالأوّلان لتصفية البدن و الأخيران لتصفية الروح.
و يناسب هذه الكلمات ما بعدها من خلق الإنسان ظاهره و بدنه و مجموعه
على أحسن تقويم، ثمّ أشار بأنّ هذا الظاهر على أحسن تقويم، لا يدوم بل يفنى بعد
زمان و يردّ الى أسفل مقام، إلّا أن يتوجّه الى جهة الباطن و يتحصّل له كمال و
جمال و نورانيّة روحانيّة، في اثر الايمان و العمل الصالح.
و كما أنّ البدن وسيلة يتوسّل بها الى تقوية الباطن و تكميل الروح و
الوصول الى السعادة الحقّة و عالم النور: كذلك هذه الأماكن المكرّمة الّتي يتجلّى
فيها نور الجلال و الجمال و العظمة الإلهيّة:
و أمّا خصوصيّة التين و الزيتون: فانّهما تكثران في أراضي بيت
المقدّس و حواليها، و تلك الأراضي محلّ بعث الأنبياء و موضع حياتهم الروحانيّة، و
فيها تحقّقت الدعوة الإلهيّة، و ظهرت الآيات الربّانيّة، و أكثر أنبياء بني
إسرائيل كانوا فيها.
و لمّا لم يكن لهذه المواضع محلّ معيّن، و كانت مبسوطة وسعت اكثر
أراضي الشام القديم: عبّر بالشجرين الممتازين فيها، إشارة الى جهة الروحانيّة و ظهور
الآيات الإلهيّة و التوجّه الى الحقّ فيها. مضافا الى خصوصيّة ممتازة في التين و
الزيتون من جهة التصفية.
فالنظر في ذكر هذه الكلمات: الإرشاد الى دعوة الأنبياء و توجيه
القلوب الى آيات اللَّه و مظاهره و كلماته.
و لا يبعد أن يكون التعبير بالسينين دون السيناء: إشارة الى أنّ
المنظور في المورد المحلّ المحدود من أراضي سيناء، و هو ما يقرب من جبل الطور و
حواليها، فانّ الياء
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 294