وَ شَجَرَةًعطف علىجَنَّاتٍ. وطُورِسَيْناءَ: بالاضافة يدلّ على جبل معيّن ممتاز بالروحانيّة. وبِالدُّهْنِ: أي يكون النبات و نموّها
ملصقا و مرتبطا بالدهن و الصبغ.
و الدهن بمعنى اللطافة و اللينة، و الدهن ما يدهن به، و هو من مصاديق
اللطافة.
و الصبغ ما يصبغ به من لون أو طعم أو إدام و غيرها.
يراد إنّ الماء المنزل من السماء الى الأرض: تنشأ منه جنّات عموميّة
من نخيل و أعناب و غيرها، و شجرة خاصّة لها امتياز من جهة المحلّ و من جهة الثمر،
فهي تنبت في طورسيناءالّتي هي أرض يتجلّى فيها نور اللَّه تعالى و هو الوادي المقدّس و
منزل الوحي.
و ثمرتها الدهن و الصبغ: يكون مادّة للإضاءة و إيجاد النور و إدامة
الحياة في النور، و هي أيضا توجب تلوين الطعام و تنويعه.
و هذه الجملة كالمثل يشاربها الى أنّ الفيوضات المعنويّة النازلة من
سماء الفيض و الرحمة الى أراضي النفوس البشريّة أيضا كذلك.
فمنهم من لا يستفيد منها إلّا في حياتهم الدنيويّة، فهم فيها
مستغرقون، و لا يطلبون إلّا تلك الحياة، و لا يدعون إلّا ما يتعلّق بتلك المحدودة،
و لا يريدون الخروج و الانقطاع عنها الى ما فوقها.
و منهم الخواصّ أهل البصيرة و المعرفة و أولو الفضائل و الحكمة،
مستعدّون لقبول الأنوار و الفيوضات الربّانيّة، مستفيضون من التوجّهات الرحمانيّة،
و لهم حياة روحانيّة، متعلّقون بالملإ الأعلى.
فهم أولياء اللَّه في أرضه و حججه على عباده، بهم ينوّر اللَّه قلوب
عباده، و يهديهم الى صراطه. و منهم ينشر العلم و الهداية، و من علومهم يستفيد
الناس، و من
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 295