فيمكن أن يوجد الكراهة من دون أن يتحقّق الغضب أو السخط، كما أنّ
الغضب قد يوجد من دون تحقّق السخط.
فالسخط يلازم الكراهة و الغضب مع فقدان الرضا، أي هو ما يقابل الرضا.
و أمّا مفهوم إرادة العقاب: فهو مرتبة شديدة من السخط و تكشف
بالقرائن اللفظيّة، كاستعماله بعلى الدالّ على الاستعلاء.
و بهذا يظهر أنّ السخط من الصغير يوجد مفهوما، لا مصداقا و في الخارج،
فانّ سخطه على الكبير لا يوجد له أثر في الخارج، كما في قوله تعالى:.وَ مِنْهُمْ مَنْ
يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا
مِنْها إِذا هُمْيَسْخَطُونَوَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا- 9/ 58.
فأطلق السخط من رجل منافق بالنسبة الى رسول اللّه (ص) في قسمة
الغنائم.
فإذا اعتقدنا بأنّ مبدأ العالم هو اللّه تعالى و أن تقديره و تدبيره
و نظمه و جميع أموره بيده و تحت مشيّته و إرادته و على وفق علمه و حكمته: فلا
يتصوّر جهل و ضلال اشدّ من اتّباع طريق يسخط اللّه عزّ و جلّ و يخالف رضوانه، و
يوجب قطع الخير و الرحمة منه تعالى- كما قال:
.لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْسَخِطَاللَّهُ عَلَيْهِمْ- 5/ 80.
مضافا الى أنّ جريان نظام العالم لا بدّ و أن يكون على وفق ميله و
إرادته و محبّته و رضاه: فالسلوك على خلاف رضاه سلوك على خلاف مسير النظام في
العالَم، و لا بدّ من سقوطه و محكوميّته و خسرانه.