يكون صدق القضية وكذبها ملحوظاً مع النسبة بالمطابقيّة وعدمها كما عليه القوم، بل يكون ملاكه من هذه الحيثيّة بملاحظة حال مجموع القضيّة مع الواقع بكونه صادقاً أم لا، كما لا يخفى على المتأمّل الدقيق.
فإذا عرفت عدم وجود النسبة في الواقع ونفس الأمر المحكي، فلا وجه لوجودها في القضايا الحكائية من اللفظيّة والمعقولة والمفهوميّة مع كونها تابعة للقضيّة الواقعيّة ونفس الأمريّة كما لا يخفى، مع أنّه لو فرض اشتمال القضيّة اللفظيّة على النسبة دون الواقع ونفس الأمر لا يستلزم كون القضيّة كاذبة، لعدم مطابقة القضيّة اللفظيّة مع الواقعيّة وما هو موجود في الخارج والذهن، فإذا لم تكن النسبة في القضيّة اللفظيّة فما ظنّك بما يفهم منها؟
وأمّا القضايا المؤوّلة من الحملية التي يتخلّلها الأداة والحروف مثل (زيدٌ على السطح) و (زيدٌ له البياض) فهي مشتملة على النسبة؛ لأنّه كما يكون لكلّ من (زيد) و (السطح) وجود في الخارج، فكذلك لكونه وحصوله على السطح نحو وجود وتحقّق في الخارج، فإذا كان في الواقع نسبة موجودة والقضيّة فيه مركّبة من ثلاثة أجزاء من الموضوع والمحمول والنسبة، فكذلك يكون سائر القضايا التابعة من اللفظية أو المعقولة والمفهوميّة.
هذا ومن جهة اُخرى تطلق على هذه القضايا المؤوّلة؛ لأنّها ليست حملية بل تؤوّل إليها فإنّ قوله: (زيد في الدار) يؤوّل إلى زيد حاصل أو قائم أو مستقرّ فيها.
فتحصّل أنّ الهيئة في القضايا الحملية غير المؤوّلة وضعت للدلالة على الهوهويّة التصديقيّة قبال الهوهويّة التصوّرية الموجودة في المركّبات الناقصة التي مفادها أنّ المحمول عين الموضوع، وكان صدق القضيّة وكذبها يدور مدار صحّتها ـ