فكأنّ الآية في صدد بيان أنّ اللََّه تعالىََ كما يُحبُّ التوابين يحب المتطهرين بأي نوع من الطهارة ، فيشمل بإطلاقه جميع أفرادها من الطهارة الحدثية والخبثية والصفات الرذيلة النفسانية ، فعلىََ ذلك يتمّ الاستدلال ، فتكون الآيتان جاريتان مجرى التعليل ، فكأنه جواب عن السؤال : بأنّ طلب الطهارة وإظهار المحبّة لها هل هو ممدوح أم لا ؟ فيجاب نعم ، لأنّ اللََّه تعالىََ يحبّ المتطهِّرين ، فإطلاقه شامل لجميع أفرادها .
كما يؤيّد ذلك الأخبار الدالّة على استحباب التسمية في الوضوء وهي : «بسم اللََّه وباللََّه اللّهم اجعلني مِنَ التوابين واجْعلني من المتطهِّرين» .
بل قد استدل أيضاً للقول الثاني بما ورد في «أمالي الصدوق» قدس سره عن رسول اللََّه صلى الله عليه و آله : «يا أنس أكثر من الطهور يزد اللََّه في عمرك ، وإنْ استطعتَ أن تكون بالليل والنهار علىََ طهارة فافعل ، فإنّك إذا مت علىََ طهارة مت شهيداً»[1].
فحينئذ لا يبعد إمكان الاستدال بما عن «النوادر» للراوندي عن أمير المؤمنين عليه السلام : «كان أصحاب رسول اللََّه صلى الله عليه و آله إذا باتوا توضؤا أو تيمّموا ، مخافة أن تدركهم الساعة - أي ساعة الموت - فيفوتهم ثواب الشهادة من جهة فقد الطهارة» ، حيث يفهم منه مطلوبية أصل الطهارة ، كما لا يخفىََ .
والإنصاف أن يقال : إنّه إنْ فرضنا بأنّ الوضوء بذاته رافع للحدث ومحصل للطهارة ، ولا يحتاج رفع الحدث الحاصل منه إلى القصد كما هو الحقّ الموافق للتحقيق ، فحينئذ لا يمكن التفكيك بين الغسلتين والمسحتين في الخارج مع قصد القربة ، ووجود الطهارة برفع الحدث ، فيكون ذلك من الأسباب التوليدية
[1] وسائلالشيعة : الباب 11 من أبواب الوضوء، الحديث 3 .P