إليك ولو بذلت المستحيل وأعطيتَ الغالي والنَّفيس ولا يعود؛ لأنَّه انتهى وسقط من الرَّصيد.

وهذا الأمر هو الَّذي يجعل أهل المعرفة ينظرون إلى الغرض الأساس من حياتهم وهي العبادة - ولو بمعناها الأعمّ- فيجعلونها عنوان حياتهم، وهذا ما عُرِفَ به أحدُ شهداء كربلاء وأبطالها وهو (بُرَيْر بن خُضَيْر الهَمْدَانيّ)، حيث كلّ مَنْ أُرّخ له ومَنْ تحدَّث عنه قال إنَّه كان عابدًا متنسّكًا؛ لأنَّه عرف الهدف من حياته وهو العبادة، فسَلَكَ العبادة بأنساكها، والعبادة المقصودة هنا هي بمعناها الأعمّ وليست العبادة الخاصّة من صلاة وصيام فقط وإن كان هذا جزءًا مهمًّا منها، ولكن قد يكون إنفاقُك على أهلك ناوياً به وجه الله عبادة، ومساعدتُك الضَّعيف ناوياً به وجه الله عبادة، وإبعادُك الأذى عن طريق المؤمنين ودفاعُك عن أعراضهم ممَّن يغتابهم أو يتهجّم عليهم قاصداً بذلك وجه الله عبادة وهكذا، هذا الرَّجل كان عابدًا متنسّكًا وهو مثالٌ للحياة الهادفة والجادَّة في مقابل أهل العبث في هذه الدّنيا مِنْ أعدائه وممّن واجههم في كربلاء وقبل كربلاء.

بُرَيْر بن خُضَيْر هَمْدَانيّ مَشْرِقيّ

هذا الرَّجل أسماه بعض المؤلّفين (يَزيِد بن حصين) وهو تحريف لاسمه وتصحيف، والصَّحيح (بُرَيْر بن خُضَيْر) وهو همدانيّ مشرقيّ[1].

[1] ) لا يخفى على القارئ الكريم الفرق في النسبة إلى هَمْدان ـ بسكون الميم ـ وهي قبيلة عربية يمانية، عن النسبة إلى همَدان ـ بفتح الميم ـ وهي منطقة في إيران. وينسب لها الفقيه الحاج رضا الهمَداني مثلا.