قَالَ: يَا أَبَا حرب، هل لك أن تتوب إِلَى
الله من ذنوبك العظام! فو الله إنا لنحن الطيبون، ولكنكم لأنتم الخبيثون!
قَالَ: وأنا عَلَى ذَلِكَ من الشاهدين.
قلت: ويحك! أفلا ينفعك معرفتك! قَالَ:
جعلتُ فداك! فمن ينادم يَزِيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل! قال: ها هو ذا
معي، قَالَ: قبح اللَّه رأيك عَلَى كل حال! أنت سفيه قَالَ: ثُمَّ انصرف[1].
فـقد كان بُرَيْر بن خُضَيْر يعيش الإحساس
بمسؤوليّة الهداية للآخرين حتَّى في هذا الموقف، مع أن المشهور عنه أنه كان عابدًا
متنسّكًا، ولكنه أيضًا صاحب مسؤوليّة اجتماعيَّة تجاه المنحرفين، وهو يبحث عن
توبتهم واسترجاعهم إلى طريق الهدى، وهذا يذكرنا بما سبق منه أيضا في قضية المباهلة
التي أراد منها أن يبين للآخرين صدق منهجه وصواب اتجاهه.
بقي أن نشير إلى ملاحظة هامة في موضوع
المباهلة التي جرت بين برير بن خضير وبين خصمه يزيد بن معقل وهي: أن المباهلة ليست
هي الخيار الأول في المحاورات والمناظرات، وإنما قد يلجأ إليها حين يلج أحد
الطرفين في الخصومة معاندًا عن الخضوع للدليل، ناكبًا عن الاستضاءة بنور الهدى، فقد
تكون هناك حاجة