صاحب الراية والبلاء الأكبر، إلا أن هذه الحروب الثلاثة التي فُرضت عليه في أيام خلافته الظاهرية كانت مختلفة تمامًا.

حرب الجمل :

كانت حرب الجمل في شهر جمادى سنة 36 هـ، ويعجز أصحابها الذين قاتلوا عليًّا أمير المؤمنين عن إيجاد مبررات لهم في ذلك! فتارة يقولون إنهم لم يبايعوا، والحق أنهم بايعوا ونكثوا، وحتى لو لم يبايعوا ـ جدلًا ـ فلا يبرر لهم ذلك خوض حرب ستزهق فيها نفوس مسلمين بعدما تم الأمر لعلي عليه السلام وبايعه الناس!

كان زعماء الحرب في الجهة المضادة لعلي عليه السلام طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة بنت أبي بكر. وسميت الحرب بحرب الجمل لجهة أن عائشة زوجة النبي كانت تمتطي في المعركة جملًا.

وقد كشف[1] أمير المؤمنين عليه السلام عن حقيقة أهداف الزعيمين

[1]) بل لم يكن الأمر بحاجة إلى اكتشاف بعدما صرحا له عليه السلام بذلك كما يقول ابن قتيبة: «إن الزبير وطلحة أتيا عليا بعد فراغ البيعة، فقالا: هل تدري على ما بايعناك يا أمير المؤمنين؟ قال عليّ عليه السلام: نعم، على السمع والطاعة. فقالا: لا، ولكنا بايعناك على أنا شريكاك في الأمر! قال علي: لا، ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز. وكان زبير لا يشك في ولاية العراق، وطلحة في اليمن، فلما استبان لهما أن عليًّا غير موليهما شيئا، أظهرا الشكاة‌.