والطير له حد يستطيع الوصول إليه في العلو وذاك هو موضع الإمام فشبه المعنوي وهو منزلته العالية بالمادي وهو نزول سيل الماء ورقي الطير في الهواء ليقرب المعنى للسامعين).

فهناك مطلبان مهمان : أحدهما أنه هو الأفضل، وثانيهما أن أفضليته ليست مجهولة للخليفة الأول بل هو يعلم بها، وهو قوله " وإنه ليعلم أن محلّي منها محل القطب من الرحى،[1]ينحدر عني السيل ولا يرقى إليّ الطير".

2/ يستعمل الإمام عليه السلام تعبير " تقمّص " في قوله: " أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ.." والتقمص هنا كأنّه عبارة عن لبس القميص بصعوبة وهو ما تحتاج فيه إلى زيادة جُهد لكي يستقر في البدن، وهو مقتضى صيغة التفعل التي استعملها، ويُصور الإمام هنا الخلافة بالقميص الذي لُبِس عُنوة مع علم صاحبه بأن هذا القميص ليس له، خصوصا مع إضافة الفقرة التي بعدها المشيرة إلى أنه يعلم بأن الأحق بهذا الموقع هو أمير المؤمنين عليه السلام.

[1]) اختيار مصباح السالكين، ابن ميثم البحراني، ص ٩١ "مثّل نفسه منها (الخلافة) بالقطب من الرحى في انّها لا تستقيم بدونه، واكَّد ذلك بالكناية عن علوّه وشرفه مع فيضان العلوم والفضائل عنه بوصفين من أوصاف الجبل المنيع العالي وهما كونه ينحدر عنه السيل ولا يرقى اليه الطير.