نام کتاب : إني فاطمة وأبي محمد نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 58
والجواب على ذلك؛ أنه يصح فيما إذا كان التفسير الوحيد لهذه الكلمات ينتهي
إلى ما ذكر، وأما لو احتملت فهما آخر لهذه الكلمات، فقد لا يكون ردها هو الأمر
السليم، لا سيما إذا كانت تلك التفاسير على خلاف ما ذكر قبل قليل. فلننظر ِبمَ
فُسرت تلك الكلمات.
التفسير الأول: ما ذكره العلامة المجلسي وهو: أنه «يمكن أن يجاب عنه بأن هذه الكلمات صدرت
منها عليها السلام لبعض المصالح، ولم تكن
واقعا منكرة لما فعله بل كانت راضية، وإنما كان غرضها أن يتبيّن للناس قبح أعمالهم
وشناعة أفعالهم، وأن سكوته عليه السلام ليس
لرضاه بما أتوا به.
ومثل هذا كثيرا ما يقع في العاديات والمحاورات، كما أن ملكا يعاتب بعض
خواصه في أمر بعض الرعايا، مع علمه ببراءته من جنايتهم، ليظهر لهم عظم جرمهم، وأنه
مما استوجب به أخصّ الناس بالملك منه المعاتبة.
ونظير ذلك ما فعله موسى لما رجع إلى قومه غضبان أسفا، من إلقائه الألواح
وأخذه برأس أخيه يجرّه إليه، ولم يكن غرضه الإنكار على هارون، بل أراد بذلك أن
يعرّف القوم عظم جنايتهم وشدة جرمهم، كما مرّ الكلام فيه»[1].