نام کتاب : رحمة للعالمين رسول لله محمد بن عبد الله نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 227
وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد،
وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.»[1]
ونفس هذا المعنى ينقل عن وصيه أمير المؤمنين
عليه السلام في قصته مع عاصم بن زياد الحارثي، والغرض من ذلك هو مقاومة التوجه
الرهباني المنفصل عن الحياة العامة، وما يتركه ذلك التوجه من فخر وكبر كما لاحظنا
في استقلال أولئك النفر لعبادة رسول الله وهو أعبد خلق الله، وهذا الفخر والكبر
الذي يتمكن من بعض الناس على أثر كثرة عبادتهم، هو الطرف المناقض لحالة العبودية
التي لا يرى العبد فيها نفسه شيئا! ولا ينظر إلى ذاته فضلا عن أعماله. بالإضافة
إلى ما ينتج عن حالة الرهبانية الصوفية تلك من إهمال لمسؤوليات الإنسان المتنوعة.
لقد ذكرنا في فصل الحياة الأسرية لرسول الله
صلى الله عليه وآله، أن من جملة الأمور المعجزة في حياة رسول الله هو تلك الإدارة
المتقنة لجميع الأمور، فبينما هو فارس مبادر إلى دفع الخطر واستعلامه، هو قائد
عسكري يجيش الجيوش لتنتصر ويخطط لها ولو على بعد مئات الكيلومترات، وهو إلى ذلك
موجه اجتماعي، ومدينة علم كاملة، ومدير لتسع نساء وزوجات على ما بينها من الاختلافات
والمشاكل، وهو «عبد الله ورسوله»!