أحدثكم حديثا سمعته من أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن ‌تسليمكم ‌يبلغني أينما كنتم».[1]

إلا أن هذا الحديث قد وصفه العلماء بالضعف، بالإضافة إلى أنه مخالف لعشرات الأحاديث عن أهل البيت عليهم السلام ومخالف لسيرتهم، فإن زين العابدين عليه السلام نفسه كان يشد الرحال إلى زيارة قبر جده أمير المؤمنين وأبيه الإمام الحسين عليهما السلام، والمسافة لها بعيدة فما ظنك بقبر النبي وهو الأفضل والقبر هو الأقرب؟ بل إن الزيارة المشهورة للإمام علي بل والمستحبة لسائر الأئمة (زيارة أمين الله) هي من إنشاء الإمام السجاد عليه السلام.

إننا نعتقد أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يحرّضون الناس على المجيء للمدينة بقصد زيارة قبر رسول الله واعتبروا عدم إتيان قبره بالنسبة للحاج جفاءً وهجرانا للنبي،[2]وعلى خلافهم كان الخط الأموي الذي يزهد الناس في زيارة قبره صلى الله عليه وآله، ويرى القبر

[1]) أبو يعلى التميمي؛ أحمد بن علي: مسند أبي يعلى 1/ 361.

[2]) الكليني: الكافي٤/ ٥٤٨ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أتى مكة حاجًّا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ومن أتاني زائرًا وجبت له شفاعتي ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة.