صاحب الأفاعيل السوداء من أيام عثمان بن عفان إلى حرب الجمل وصفين إلى ما عمل مع جنازة الإمام الحسن المجتبى وتحريضه الوليد بن عتبة على قتل الحسين، بل هو القائل للإمام نفسه ـ عندما سأله الإمام لماذا يبالغون في شتم جده أمير المؤمنين وما كان أذب منه عن عثمان صاحبهم، قال له مروان: إن أمرنا لا يستقيم إلا بهذا! مع كل ذلك استضاف الإمام عياله وأهله وحماهم من هجوم المخالفين لبني أمية، وألحقهم بعياله إلى أن ارسل لهم مروان في ما بعد من أتى بهم إليه.

كان من الطبيعي أن ينصرف الإمام علي بن الحسين عن الصراعات السياسية هذه، والتي كانت معارك شخصية وعائلية، وأن يتفرغ لما انشغل الآخرون عنه. فـ " كان برنامجه اليومي في المدينة زيارة قبر جده المصطفى صلى الله عليه وآله والصلاة في مسجده، وتحديث الناس بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام وكان يلقي على الناس موعظة يوم الجمعة".[1]

بانصرافه عن تلك الصراعات صان نفسه أولا ثم أتباعه من أن ينهيهم أعداؤهم بحجة أو بأخرى! وكان بالإمكان أن يذهب دمه في احدى هذه المعارك كعشرات الصحابة وأبنائهم الذين قتلوا

[1]) الكوراني؛ الشيخ علي: جواهر التاريخ ؛ سيرة الإمام زين العابدين 4/39