ثم أرسل إلى عبد الله بن يزيد بن معاوية وخالد بن
أسيد، فقال: هل تدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم، لترينا أثر عافية الله إياك،
قال: لا، ولكن قد حضر من الأمر ما تريان، فهل في أنفسكما من بيعة الوليد شيء؟
فقالا: لا، والله ما نرى أحداً أحق بها منه بعدك يا أمير المؤمنين.
قال: أولى لكما، أما والله لو غير ذلك قلتما لضربت
الذي فيه أعينكما».[2]وطبق
الولد وصية ذلك الوالد وسيرته، فكان شديد القسوة.
وجاء الوليد هذا بصفاته التي تجاوزت سيئات أبيه،
حتى لقد عد العلامة الكوراني (16) ست عشرة صفة سيئة مما ذكرته كتب التاريخ بشكل
متفرق، ينتهي فيها الناظر إلى الأسى والأسف على ما آل إليه حال أمة صنعها النبي
كخير أمة أخرجت للناس، وحال خلافة كانت مفصلة على مقاس أمير المؤمنين عليه السلام
لولا أنه أبعد عنها، فإذا بها تنحدر سنة بعد أخرى ومرحلة بعد مرحلة حتى
[1]) يعني من خالفك فاضرب عنقه! وقد أكد هو على تطبيقه وصية والده فقد
قال في خطبته في أيامه الأولى كما روى الطبري في تاريخه 5 / 213: "أيها الناس: من أبدى لنا
ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه، ومن سكت مات بدائه"!