نام کتاب : عالم آل محمد الإمام علي بن موسى الرضا نویسنده : فوزي آل سيف جلد : 1 صفحه : 148
السلاطين
لا ريب ستبعد صاحبها عن التعلق بالآخرة، وعندئذ يسقط عن موقعه كداع إلى الله وإمام
على الخلق ودليل إلى الجنة!
لقد
أراد المأمون بهذا أن يقول للناس: إن هؤلاء إنما زهدوا في الدنيا حين زهدت فيهم،
وتركوها عندما لم يحصلوا عليها أما وقد حصلوا عليها فسينكبّون عليها ويتمتعون فيها
وحينئذ يكون حالهم كحال باقي السلاطين والأمراء ممن أغرتهم الدنيا!
لكن
هذه الخطة لم تنجح من المأمون إذ لم تغير ولاية العهد طريقة معيشة الإمام عليه السلام ولا بدلت في برنامجه فقد كان يأكل الجشب من الطعام ويلبس
الغليظ من الثياب حتى لقد عاب عليه بعض الصوفية ما يلبس ظاهرًا فأبان لهم أنه إنما
يلبس هذا في الظاهر للبعد عن التظاهر بالتقشف ويلبس الخشن في الباطن تواضعًا لله.
وقد ذكروا في أحواله صورا عجيبة من الزهد منها أنه اشتهى ذات يوم كبدًا مشوية -
وهي مما يستطيعه أغلب الناس - فجاؤوا بها إليه فلما شم رائحتها قال: إني والله
أحبها ولكن الله قد قال { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ}[1]ارفعوها إلى بيت فلان الفقير ولم يتناول منها شيئًا.