نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 1 صفحه : 249
و التحقيق
أنّ الأصل الواحد في هذه الكلمة: هو حسن العمل في مقابل الغير، و هذا
المعنى يختلف باختلاف الأشخاص و الموضوعات و الموارد. فالبرّ من اللّه المتعال
بالنسبة الى عبيده: هو الإحسان اليهم و اللطف و التجاوز عن خطيئاتهم. و من العبد
في مقابل الخالق المتعال: هو الطاعة و امتثال الأمر و العمل بوظائف العبوديّة. و
من الوالد بالنسبة الى أولاده: هو التربية و التأمين و القيام بأمورهم و حوائجهم.
و من الولد الى الوالد: هو الخدمة و الخضوع و الرحمة. و البرّ في الكلام: هو الصدق
و قول الحقّ. و في العبادة: أن يأتى بها مقرونة بالشرائط و على ما يريده اللّه
تعالى و يطلبه.
و من هذا الباب: البرّ في قطعات الأرض، فكلّ قطعة فيها اقتضاء
للزراعة و السكنى و المعاش و تأمين الحياة: فهو برّ، فانّه يبرّ على ساكنه و يسهّل
معاشه و يقضى وطره، في مقابل البحر العميق الممتلأ ماء المضطرب بالأمواج الهائلة-فَلَمَّا نَجَّاكُمْ
إِلَىالْبَرِّأَعْرَضْتُمْ ...أَوْ
كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ.
فالبرّ في الأصل صفة مشبهة على وزان صعب، ثمّ جعل بكثرة الاستعمال
اسما.
و من هذا الباب ايضا البرّ بمعنى الحنطة: فانّها من بين الحبوبات ما
يصلح للاغتداء بأحسن ما يمكن، و يتغذّى منها السالم و المريض و الصغير و الكبير و
الأبيض و الأسود و الشريف و الوضيع، فهي مطبوعة في كلّ ذائقة دائما، فهي تبرّ على
المتغذّى الآكل الجائع بأحسن كيفيّة مطلوبة. و لا يبعد أن يكون أصل هذه الكلمة
أيضا صفة مشبهة كصلب ثمّ جعل اسما.
و أمّا جملة- لا يعرف البرّ من الهرّ: فالهرّ بمعنى الكراهة، و هو في
مقابل حسن العمل و الإحسان، و الجملة كناية عن فقدان قوّة التمييز.
إِنَّهُ هُوَالْبَرُّالرَّحِيمُ- 52/ 28.
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 1 صفحه : 249