هذا الترتيب بتقديم ذوي القربى ثمّ اليتامى ثمّ المساكين ثمّ ابن
السبيل:
بلحاظ لزوم رعايتهم من جهة الشأن و المقام و الحيثيّة و المرتبة
الخاصّة عند المعطي.
فانّ ما يعطى باسم اللّه تعالى في أوّل مرتبة، ثمّ بعده ما يعطى باسم
الرسول (ص)، ثمّ بعده الوالدان، و بعده أولو القربى من جهة الوالدين، و بعده
اليتامى: فانّ اليتيم مضافا الى عجزه و محدوديّته متأثر محزون مصاب بفقد الوالد،
فهو أولى بالرعاية من المسكين، كما أنّ ذا القربى أولى برعاية جانبه من اليتيم
فانّ القريب له توقّع و رجاء و انتظار خاصّ من المعطي و هو قريبه، و هذا التوقّع و
الرجاء منه ليس لغيره، فأوجب هذا تكليفا مخصوصا بحكم الطبيعة و الوجدان الانسانيّ.
و بعد اليتيم ذكر المسكين، فانّه محدود عاجز بأيّ سبب كان. و بعد
المسكين يذكر ابن السبيل فانّه محدود عاجز فعلا و ان كان غير محدود في الحضر.
و قد يذكر المسكين مع الفقير: فيلاحظ في كلّ منهما معناه الخاصّ به،
و يراد من المسكين جهة كونه محصورا و محدودا، و من الفقير جهة فقره و حاجته، كما
في:.إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِوَ الْعامِلِينَ
عَلَيْها- 9/
60.
فيلاحظ في موضوع الصدقات جهة الحاجة و شدّة الفاقة، و الفقير من هذه
الجهة مقدّم على المسكين، ثمّ العاملين عليها لوجوب تأمين معاشهم حتّى يتمكّنوا من
تحصيل الصدقات و جمعها و تناولها.
و لمّا كان المورد (الصدقة) يقتضي صرفها في أهل الحاجة و الفاقة فقط:
لم يذكر ما ذكر في الغنائم و العطايا من المصارف المزبورة فيها.
و لا يخفى أنّ اولي القربى: يراد منه الأقربون بالنسب و الأرحام، و
لمّا كان الرسول (ص) أولى و أقدم بالمؤمنين من أنفسهم. [النَّبِيُّ أَوْلى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ- 33/ 6]: فيكون أقاربه و أرحامه أيضا
أولى من أقاربهم، فكلّما ذكر ذو القربى يشمل
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 166