يراد قلب طاهر من العيوب و النقائص، و حقيقته السلميّة و تحصّل مفهوم
الوفاق و الصلح و الرفق في القلب، و هذه الحقيقة إنّما تتحقّق بالتنزّه عن العيوب.
و يظهر من هذا التعبير أنّ النافع المفيد للإنسان في يوم الجزاء و في
مقام السير الى الكمال و السعادة: هو السلميّة المتحصّلة في القلب لا غير.
و لا يصحّ حمل الكلمة على الصحّة و العافية الظاهريّة، فانّ صحّة
القلب المادّيّ لا تأثير لها في مقام الجزاء و الثواب و العقاب، مضافا الى أنّ هذه
الصحّة المادّيّة تتبدّل في الآخرة بسنخ آخر يلائم تلك الدار.
و كذلك في الآية الكريمة:.وَ قَدْ كانُوا
يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْسالِمُونَ- 68/ 43.
فليس المراد هو الصحّة و العافية، فانّ السجود بمعنى كمال الخضوع و
منتهى التذلّل، و هو أمر باطنيّ قلبيّ و قد يظهر بصورة السجود الظاهريّ، فلا
ارتباط بين الصحّة و حقيقة السجود.
فالمراد انّ وجودهم الجسمانيّ و الروحي كانا في وفاق و اعتدال و
سلميّة فطريّة، و مع هذا الاقتضاء الفطريّ و الدعوة الإلهيّة: إنّهم كانوا في خلاف
و تمرّد و عصيان عملا.
ثمّ إنّ السلميّة و الوفاق إمّا طبيعيّ فطريّ و إمّا إراديّ
اختياريّ: فالطبيعيّ: ما يكون باقتضاء الفطرة و التكوين الإلهيّ، كما في قوله
تعالى: