و فوقها عالم الملائكة و الملكوت القويّة و الموجودات اللطيفة
الروحانيّة النافذة المسلّطة المقتدرة الحاكمة المطيعة لأمر اللّه و الوسائط
لإجراء أحكامه و قضائه (و منهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم و المارقة من
السماء العليا أعناقهم و الخارجة من الأقطار أركانهم). و هذا حقيقة التسلّط و
الاقتدار و الإحاطة و الاعتلاء و التفوّق.
و فوقها عالم العقول المجرّدة و الجبروت الخارجة عن تلك الحدود
الكليّة الّتي لا فرق بينها و بين اللاهوت إلّا أنّهم عباده، و هم محدودون ذاتا.
فهذه هي طبقات السماوات السبع، بعضها فوق بعض طباقا، و كلّ واحدة
منها بالنسبة الى ما فوقها أرض مستفّلة واقعة تحتها، الى أن تنتهي الى البرّ و
البحر و الجبل و الماء و التراب-.وَ آيَةٌ لَهُمُ
الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها.
فظهر أنّ السماوات و الأرض: تعبير واضح عمّا سوى الخالق الباري عزّ
شأنه و جلّ جلاله، و هذا أحسن تعبير يشمل قاطبة الموجودات السفليّة و العلويّة، و
يشمل جميع الممكنات المخلوقة بمراتبها المختلفة، و يجمع الطبقات كلّها.
و تدلّ على هذا المنظور بفضله الآيات الكريمة:.يَعْلَمُ ما فِي
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ*،.خَلَقَالسَّماواتِوَ الْأَرْضَ
بِالْحَقِّ*،.وَ لِلَّهِ ما فِيالسَّماواتِوَ ما فِي
الْأَرْضِ*،.سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِيالسَّماواتِوَ الْأَرْضِ،.لَهُ مُلْكُالسَّماواتِوَ الْأَرْضِ*،.وَ
لِلَّهِ جُنُودُالسَّماواتِوَ الْأَرْضِ*،.وَ
لَهُ الْكِبْرِياءُ فِيالسَّماواتِوَ الْأَرْضِ،.اللَّهُمَّ
فاطِرَالسَّماواتِوَ الْأَرْضِ،.وَ
ما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِيالسَّماءِ.
فانّ هذه الآيات في مقام الإشارة الى قاطبة الموجودات.
و قد سبق في- أرض، سبع: ما يرتبط بهذا المقام فراجعهما.
و أمّا ما قلنا في- أرض: من عدم صحّة إطلاق الأرض على الحيوان أو
الإنسان بلحاظ كونهما مستقلّين غير منظور فيهما مفهوم النسبة الى العلوّ: لا يضرّ
هذا النظر، فانّ هذه النسبة غير مأخوذة في مفهومهما، بل هي أمر قهريّ انتزاعيّ من
الترتيب المذكور.