فانّ وحشة المنافقين و دعاء المؤمنين ليست في نزول سورة كاملة تامّة،
بل في سورة تتضمّن التنبيه على ما في قلوبهم و ذكر القتال فيها. و هكذا صدور حكم
الايمان مع الجهاد في سورة، فانّ المراد طائفة من الآيات الّتي تحتوي على هذه
الأمور.
و على هذا المبنى: يلزم البحث عن وجود دليل قاطع يثبت وجوب قراءة
سورة كاملة من القرآن في الصلاة بعد الحمد.
و أمّا عجز البشر عن إتيان بسورة مثل القرآن: فانّ القرآن مضافا الى
محتوياته من المعارف العالية و الحكم الجامعة و الحقائق في كلّ جهة: قد نزّل على
أحسن بيان و أفصح منطق و أكمل تأليف.
و من وجوه إعجازه الّتي يبحث هذا الكتاب عنها: استعمال كلّ كلمة في
معناه الحقيقيّ، و انتخاب أيّ كلمة مخصوصة بالمورد من بين الألفاظ المترادفة و
المتشابهة، و رعاية صيغة مخصوصة من صيغ المادّة على مقتضى ما يستدعيه المورد، و
تركيب الكلمات على أجمل نحو يذكر في علم الفصاحة.
و هذا ممّا لا يمكن للبشر أن يأتي به و إن بلغ من العلم الى أقصاه، و
قد أثبتنا هذا الموضوع الى هنا من هذا الكتاب بتوفيقه و تأييده و تعليمه، و نرجو
أن يوفّقنا في إتمام الكتاب بمنّه وجوده.