نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 53
و أمارة هذا المفهوم قد تكون بالإظهار القوليّ، أو بالإظهار العملي
كالسجدة الشرعيّة و غيرها، أو بخضوع القلب و تسليمه بحيث تظهر آثاره في الجوارح،
أو بالانقياد و الطاعة عن جريان الطبيعة و التكوين.
فهذه الحقيقة إنّما يتحقّق مفهومها أوّلا و بالذات في الطبيعة و
التكوين و الفطرة، سواء كانت عن علم أو عن إرادة أو إختيار أم لا، فالاختيار و
العلم و التوجّه إنّما هي خارجة عن الحقيقة من حيث هي، فانّ الإرادة و الاختيار من
المقدّمات، و العلم و التوجّه من الملحقات المؤخّرات.
فحقيقة مفهوم السجود من حيث هو هو: إنّما يتحقّق وجوده من دون أن
يتوقّف الى أمر آخر، و هذا المعنى في جميع المراتب واحد و ثابت.
نعم تختلف مراتبه بالشدّة و الكمال و الضعف: من جهة انضمام المعرفة و
التوجّه و العلم و الارادة و الاختيار و الحبّ و الشوق و درجات الخضوع.
كما أنّ التسبيح الذاتيّ و النظم العامّ في ذوات الموجودات و أثر
الحكمة و الرحمة في جميع مراتب الوجود متحقّقة ثابتة، من غير حاجة الى اظهار بقول
أو عمل.
فظهر أنّ خضوع الموجودات في مقابل التقدير الإلهيّ و تسليمها في قبال
قانون التكوين و الخلق و إطاعتها ذاتاً عن الحكمة: هو حقّ السجود.
فإظهار الخضوع بالقول أو بالعمل من دون تحقّق مفهومه في القلب: خارج
عن حقيقة السجود-.إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُيَسْجُدُونَ- 7/ 206.
فالسجود يلازم التسبيح و التنزيه عن جهات النقص و الحدّ و الضعف، و يتحقّق
بعد نفي الاستكبار و الأنانيّة، و ظهور حقيقته في مرحلة العبوديّة.
نعم بحقيقة السجود يرتفع الاستكبار و الحجب النفسانيّة بين العبد و
الربّ تعالى، و يتحصّل كمال الخضوع و العبوديّة و الفناء-.وَاسْجُدْوَ اقْتَرِبْ.
و في هذه المرحلة: يتحقّق الخضوع التامّ للنفس و قواه و الجوارح و
البدن و جميع متعلّقاته الّتي تظهر من وراء النفس، و هذا هو المراد من الظلال في
الآية الكريمة-.وَ لِلَّهِيَسْجُدُمَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ
ظِلالُهُمْ- 13/
15، كما
ورد في
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 53