الضحى كمال النور بارتفاع الشمس، و يقابله: الليل في حالة تماميّته و
بلوغه الى الثبوت و الاستقرار التامّ. و هذا التعبير إشارة الى غاية ارتفاع النور
و كماله الى أن ينتهي الى غاية الانخفاض.
و لا يخفى أنّ ظهور آثار الرحمة و النعمة و تجلّي أشعّة الفيوضات
المادّيّة إنّما يتمّ و يكمل في ساعات الضحى، كما أنّ خفاءها و مستوريّتها بالتمام
إنّما يتحقّق في زمان سكون الليل و استقرار الظلمة.
و جريان العيش و الحياة المادّيّة إنّما يوجد في امتداد هذين
الأمرين، و لا يتصوّر التجاوز و الخروج عن هذا الخطّ.
ففي هذا التعبير إشارة الى أنّ مراتب الشمس و الحياة إنّما هي تحت
سلطته و حكمه و مشيّته و بيده، فيستنتج-.ما وَدَّعَكَ
رَبُّكَ وَ ما قَلى.
و إذا أريد من الضحى و الليل مفهوماهما العامّان، أي مطلق النور و
الظلمة مادّيين أو معنويين: فتشمل الآية الكريمة جميع الجريان في الحياة الظاهريّ
و المعنويّ، و جميع مراتب العوالم و الخلق.
و يؤيّد هذا التعميم: قوله تعالى-.وَ لَلْآخِرَةُ
خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى.
فينطبق الضحى على عالم العقل و النور المجرّد، و الليل على عالم
المادّة و الطبيعة، و بينهما متوسّطات من العوالم المتوسّطة- راجع- سجد و ظلّ.
و لا يخفى أنّ المراد من الضحى و اللّيل في هذه الصورة: مطلق النور
التكوينيّ و الوجود المنبسط على مراتبه المترتّبة.
سحب
مقا-سَحْبٌ: أصل صحيح يدلّ على جرّ شيء مبسوط و مدّه، تقول سحبت ذيلي بالأرض
سحبا، و سمّيالسَّحَابُسحابا تشبيها له بذلك، كأنّه ينسحب في الهواء انسحابا، و يستعيرون
هذا فيقولون تسحبّ فلان على فلان، إذا اجترأ عليه
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 62