نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 92
و أمّا تساوي المستخفي و السارب بالنسبة الى اللّه تعالى: فانّ الليل
و النهار و النور و الظلمة و الجهر و الإخفات إنّما هي حجب في عالم المادّة و
بالنسبة الى القوى و الحواسّ الجسمانيّة، و أمّا في ما وراء هذا العالم و بالنسبة
الى الحواسّ الروحانيّة:
أي فاتّخذ الحوت سبيله الّذي جعل له بالطبع و هو الجريان في الماء، و
هو في حالة السرب أي التظاهر من المحدوديّة و كونه ممنوعا من الجريان.
و لا يبعد القول بانّ الحوت كان حيّا و محفوظا في ماء لئلّا يتسنّه
عند الحاجة الى الطعام، و قد وضعوه هناك قريبا من البحر،فَاتَّخَذَ
سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ.
و يؤيّد هذا المعنى أنّ الحوت بمعنى الروغان و التحرّك، و يستعمل في
سمك يكون حيّا و متحرّكا- راجع الحوت.
أو أنّهما أخذا الحوت قبيل هذا الوقت، و كان حيّا في الباطن، و إذا
رأى الماء و أحسّ به: فراغ اليه و نجا.
أي كما أنّ السراب تظاهر و تبرّز صرف و ليس له حقيقة، كذلك أعمال الكفّار
إنّما يعملون رياء و لأغراض نفسانيّة و مقاصد دنيويّة، فانّ تقوّم الأعمال
بالنيّات، و النيّة روح العمل و فصله و به يكون صالحا مطلوبا أو طالحا مذموما، و
ما دام الإنسان متوغّلا في الحياة و العيش الدنيويّ، و ليس له نظر إلّا الجريان
المادّيّ و المقاصد النفسانيّة: فلا يتمكّن من نيّة صالحة خالصة.
قلنا في الجبل إنّه ما يكون بالفطرة عظيما من أيّ نوع كان، فالمعنى-
إذا ينفخ في الصور و فتحت أبواب السماء و سيّرت الجبال أي كلّ ما يكون عظيما خلقا
و فطرة في عالم الطبيعة كمّا أو كيفا،فَكانَتْسَراباً.
فانّ العظمة الطبيعيّة إذا خرجت من عالمها و سيّرت الى عالم فوقها لا
يبقى لها اثر من تلك العظمة المخصوصة المحدودة، و تكون تلك العظمة مبدّلة الى
السراب
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 5 صفحه : 92