اللام في الحياة و الممات عوض عن المضاف اليه، أى حياتهم و مماتهم، و
امّا الحياة في هذه الدنيا هي الحياة الدنيا السفلى في مقابل الحياة العليا، و هي
عبارة عن تعلّقات مادّيّة و جريانها و استمرارها الى أن تنتهي مدّتها، فيصير
الإنسان خائبا خاسرا ليس له من حقّ الحياة و السعادة الأصلية شيء، و هذا هو
الخسران المبين و العذاب الأكبر و اللهو الشديد.
و الابتلاء الأشدّ الأعظم منه هو الموت: فانّه عبارة عن انقطاع هذه
العلائق و حصول التفارق بينه و بين متعلّقاته، من الأمور المادّيّة و اللذائذ
الدنيويّة و المشتهيات النفسانيّة، مع مشاهدة عالم آخر و ادراك الخسران و
المحجوبيّة و المحروميّة فيه.
ثمّ إنّ هذين العذابين يشتدّان في الأفراد بنسبة إدراكاتهم و
تعقّلاتهم و استعدادهم و فطرتهم الأصيلة الذاتيّة، ثمّ العرضيّة، فيكون التمايل و
الركون القليل من النبىّ ص (إن تحقّق) موجبا لتضاعف العذابين: انقطاع الارتباط
الروحاني، و حصول تعلّق بالحياة الدنيا ثمّ مشاهدة التفارق بالموت.
فليس للنبىّ ص عذاب و ابتلاء أعظم من الابتلاءين، كما
و لا يخفى أنّ تلك التعلّقات الدنيويّة: هي الطريق الممتدّ الى
الجحيم و النار و الفراق و المحروميّة عن مقام السعادة-.فَادْخُلِي فِي
عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي- كما أنّ صراط الجنّة و العبوديّة و اللقاء هو الانقطاع و التبتّل
التام-.فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً
وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.
و بهذه الآية الكريمة الحادّة، فليعتبر و ليتّغظ في حياته و تعلّقاته
و ركونه
نام کتاب : التحقيق في كلمات القرآن الكريم نویسنده : المصطفوي، حسن جلد : 7 صفحه : 32