فمنظور فيه، لأن الاستحباب حكمٌ شرعي فيتوقف على الدليل الشرعي كسائر الأحكام»، انتهىََ.
ولكن في «الجواهر» و «المصباح» قد اختار الأوّل بكفاية إرسال «الذكرىََ» في إثبات استحباب الوضوء، بل قد ردّ صاحب «المصباح» علىََ «المدارك» بقوله: «بأن أدلّة التسامح الواردة في مثل ذلك بقوله صلى الله عليه و آله: (مَنْ بلغه ثوابٌ علىََ عملٍ فعمله التماس ذلك الثواب اوتيه، وإن لم يكن الأمر كما بلغه) كافيةٌ في إثبات استحباب كلّ ما ورد فيه رواية، ولو لم يكن فيها شرائط الحجّية، مضافاً إلىََ شهادة العقل لحسن إتيان ما يحتمل كونه محبوباً للََّهتعالىََ، وإنْ لم يثبت بذلك العنوان المخصوص وكونه مستحباً شرعاً حتىََ يترتب عليه آثار الاستحباب، ثمّ مثَّل ذلك بقوله: بأنّه لو قلنا أن كلّ غسل مستحب مثلاً يرفع أثر الجنابة، فوردت رواية ضعيفة دالة على استحباب غسل خاص، فلا يترتب عليه ذلك الأثر، لأن الغسل بهذا العنوان لم يثبت استحبابه حتىََ يترتب عليه كل الآثار»، انتهىََ ملخص ما في «المصباح».
ولكن الانصاف مع التأمل في أخبار «من بلغ..» يفهم أن الحق مع صاحب «المدارك» لو لم نقل بامكان الجمع بين العَلَمين، وكان رجوع النزاع بينهما لفظياً.
وتوضيح ذلك: أن ظاهر قوله عليه السلام في حديث عمران: مَنْ بلغه ثواب من اللََّه علىََ عمل فعمله التماساً لذلك الثواب اوتيه[1] أنّه كان من باب التفضيل، أي لا يخيبه اللََّه في رجائه، حيث قد أتىََ طمعاً بذلك الثواب، وأما صيرورة العمل بذلك البلوغ محبوباً واقعاً، فيصير مستحباً شرعياً فغير معلوم، بل دعوىََ عدم استفادة المرغوبية بين ذلك التعبير، بحيث يرغب الناس في الإتيان بالعمل إذا صارت الحال كذلك فغير بعيدة، إلّاأن يستظهر ذلك من جهة أنّه إذا كان اللََّه عز وجل كريماً على الإطلاق، حتى أنّه يعطي عبادة الثواب بهذه الصورة، كان من مناسبة الحكم والموضوع من حسن تحصيل الثواب
[1] الوسائل: الباب 18 من أبواب مقدّمة العبادات الحديث 7.P