لا يذهب عليك أنّ المتوضىء في الواقع تارة قد يكون محدثاً وملتفتاً إليه، واخرىََ لا يكون كذلك.
فعلى الأوّل: لا إشكال في أن الشارع جعل هذا العمل - أي الغسلتان والمسحتان مع قصد القربة ولو بملاك محبوبيته الذاتية لو قيل بها - موجباً لرفع الحدث، ولو لم يكن من الأمر المخصوص المتوجه إلى العمل، كما يشير إليه في الخبر المروي عن الفضل بن شاذان كما في «علل الشرايع»، و «عيون الأخبار» على ما نقله صاحب «الوسائل» عن الرضا عليه السلام قال:
إنّما أمر بالوضوء وبدىء به لأنْ يكون العبد ظاهراً إذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته إيّاه مطيعاً له فيما أمره نقياً من الأدناس والنجاسة الحديث[1].
من حيث أنّ الوضوء إذا تحقّق، يكون رافعاً للحدث والنجاسة المعنوية بأيّ موجب وغاية حصل، فلو نوىََ إحدى الموجبات معيناً من المندوبات يحصل منه رفع الحدث لو كان، فاذا ارتفع يصح منه الدخول في الصلاة، كما أنّه لو نوىََ أصل رفع الحدث من مجموع موجباته، فهو أيضاً يكفي في رفعه وتحقّق الطهارة، ويصح له الدخول فيها، لوضوح أنّه لا يتعدّد الحدث بتعدد موجباته، بل إذا تحقّق بأحد الأسباب تدريجاً أو بمجموعها إذا تحقّقت دفعة واحدة - لعدم تعقل تأثير كلّ سبب مستقلّاً في تحقّقه، بل لابدّ أن يكون المؤثّر فيه أمراً وحدانياً وهو الجامع بين الأسباب، كما هو كذلك في أسباب حصول القتل، إذا فرضنا قابلية كل سبب للتأثير مستقلاً - فيرتفع باتيان الوضوء المطلوب بأي غاية حصل.
كما أنّ التحقيق المطابق للحق هو عدم لزوم النية لرفع الحدث في حصول الرفع، بل يكفي في تحققه وجود الغسلتين والمسحتين مع قصد القربة، فبعد وضوح هاتين المقدمتين، فلا مانع في البين عن صحّة هذا الوضوء، وجواز الدخول به في الصلاة ولو كانت فريضة، إلّاتوهم أنّه إذا لم يقصد الأمر المتوجه إلى الصلاة، الموجب لوجوب الوضوء بوجوب