بالمعنى الأوّل مستحباً قطعاً، إمّا من جهة كونه احدى الغايات - كما ادُّعي - أو كونه من آثار الوضوء بالمعنى الثاني، وكيف كان فلابد أن يتوجه الإشكال إلى المعنى الثاني منهما، فحينئذ يقال: هل الوضوء بنفسه راجحٌ مع قطع النظر عن قصد الكون على الطهارة - كما عليه السيّد قدس سره في «العروة» من عدم الاستبعاد، والحكيم وغيرهما - أو غير راجح، بل قد يدعىََ حرمته وبطلانه كما يظهر من الشيخ الانصاري قدس سره والآملي وغيرهما كما يشير إليه ظاهر كلام الفاضلين والشهيد في «الذكرىََ» بقولهم: (لو نوى الُمحْدِث بالأصغر وضوءاً مطلقاً مقابلاً للوضوء للغايات حتى الكون على الطهارة كان باطلاً).
حيث فهم منه الشيخ هو كون المراد بنفسه راجحاً، بلا ملاحظة غاية من الغايات، ولذا حكم بالبطلان وأنّه حرام لكونه تشريعاً.
وقد تمسك كل فريق لاثبات مرامه بوجوهٍ، لا بأس بالتعرض لها، وبيان ما هو الواصل إليه نظرنا القاصر، واللََّه هو المعين، فنقول:
استدل للاول بعدة أخبار: مثل الحديث القدسي الذي رواه الديلمي قدس سره في «الارشاد»: من أحدث ولم يتوضاً فقد جفاني.
ومثل المرسلة المروية في «الفقيه» بقوله: الوضوء على الوضوء نور علىََ نور[1].
ومكاتبة أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن أبي بكر لمّا ولّاه مصر: الوضوء نصف الإيمان[2].
وقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني: الوضوء شطر الإيمان[3].
ومثل قوله عليه السلام في حديث سعد: إنّ الوضوء بعد الطهور عشر حسنات[4].
حيث يفهم من مجموع هذه الأخبار كون نفس الوضوء مطلوباً ومرغوباً، لا للكون على الطهارة، وليس الوضوء إلّاالغسلتان والمسحتان، فهو المطلوب.