{aوثانياً:a} إنّه لا يمكن إرادة الوجوب النفسي في غسل الجنابة، لاقترانه بمثل غسل الحيض والاستحاضة، حيث قد ادعىََ في «الجواهر» الإجماع - بكلا قسميه من المحصل والمقول - علىََ عدم الوجوب النفسي في المحيض، ففي الاستحاضة يكون بطريق أولىََ، فكيف يمكن الافتراق بين جزئين من جملة واحدة، من الحكم بالوجوب النفسي في واحد دون الآخر، وهو واضح.
هذا بخلاف ما لو حمل على الوجوب الغيري، حيث يصح في تمام الأقسام من الجنابة والحيض والاستحاضة، كما لا يخفىََ.
وسنزيد توضيحاً لهذا الإشكال انضمام غسل مس الميّت والاحرام في مرسلة يونس إلىََ غسل الجنابة، مع القطع بعدم وجوب غسل الاحرام حتىََ في الحجّ الواجب، كما هو واضح، فلابد له من تأويل آخر.
{aوثالثاً:a} يمكن أن يكون إطلاق الوجوب عليه محمولاً على العهد الذهني في الخارج، من كونه شرطاً لمثل الصلاة، كما قلنا بمثل ذلك في الوضوء، فيساعد ذلك على الوجوب الغيري لا النفسي، أو كان الوجوب والواجب بمعناه اللغوي، وهو الثبوت واللزوم، لا الوجوب الاصطلاحي الفقهي كما أشرنا إليه في باب الوضوء.
وهذا الجواب يمكن اسراءه إلى الطائفة الثانية من الأخبار، حيث أنّ الغسل قد تعلق على الادخال أو الانزال أو غيرهما، فالحكم بالوجوب كان بمعنى الثبوت أو اللزوم، أي ثبت ذلك بهذه الأسباب، كما يثبت لذلك بالنسبة إلى المهر والرجم الموجودان في خبر محمّد بن مسلم، أي قد ثبت المهر والرجم ان كان الدخول مع الاجنبية.
فضلاً عن أنّ هذه الأخبار هي في صدد بيان أصل إثبات حكم الغسل بهذه الأمور، أما كون وجوبه نفسياً أو غيرياً فخارج عن لسان الدليل، أي أن الدليل ليس في صدد بيانه كما هو واضح لمن أنصف وتأمل فيها.
{aأما الجواب عن الطائفة الثالثة من الأخبار:a} هو أنّ الخطاب في ذلك