متوجه إلى الغاسل والولي لا إلى الميّت الجُنُب، حتىََ يستفاد مه الوجوب النفسي لعروض الجنابة علىََ من عرض له ذلك، فلا منافاة بين أن يكون التغسيل للميّت الجنب واجباً على الغاسل دون من كان جنباً حيّاً، كما هو مفروض البحث.
مضافاً إلى أنّه كيف ينتقل التكليف بوجوب غسل الجنابة بوجوب نفسي من الميّت إلى الغير، بل هو وجوب مستقلٌ علىََ حده متوجه إلى الغاسل.
مضافاً إلىََ أنّه لم يفتِ أحد من الفقهاء في ذلك بوجوب غَسل الميّت غسلاً آخر بعنوان الجنابة، بل يكفي غسله الذي كان واجباً لكل ميت عن ذلك.
وأما كون علة وجوب تغسيله بهذه الجهة، كما أشير إليها في بعض الأخبار، وهو أمر آخر، لإمكان أن يكون بواسطة أنّه عرج إلىََ لقاء اللََّه فأراد اللََّه تعالىََ طهارته عن كل دنس وقذارة، وهو غير مرتبط بالجنب الحي، الذي لا يقصد ذلك، لعدم كون في وقت واجب شرطه الطهارة، ولا في حال يريد لقاءه تعالىََ، فلا يبعد القول حينئذٍ بحسن ذلك ومحبوبيته بنحو الاستحباب، لا الوجوب النفسي.
كما أنّه يمكن الجواب عن صحيح عبد الرحمن: بأنه لم يسمع عن أحد من الفقهاء الحكم بوجوب غسل الجنابة بعد الفراغ، فلا يكون معمولاً به عند الأصحاب، ولكن ذلك لا ينافي حمله على الاستحباب ومطلوبية الغسل بنفسه، كما قد يشعر ذلك بيان التعليل الوارد بقوله: «لا يدري ما يطرقه من البليّة»، حيث يستظهر منه كون ذلك ترغيباً وتحريكاً على استعجال ذلك، فهو مما لا يُنكر كما لا يخفىََ.
كما يشهد خلافه في صحيحتي سعيد الأعرج، وسماعة[1] حيث أجاز تأخيير الغسل إلىََ بعد النوم وعند اليقظة، فراجعهما.
{aوأمّا الجواب عن الدليل الثالث فلأنّا نقول:a} وجوب الغسل فيما قبل وقت الواجب في مثل غسل المستحاضة الصائمة لصوم غدها، حيث يجب قبل دخول وقت الصوم وهو طلوع الفجر، يمكن أن يكون
[1] الوسائل: الباب 25 من أبواب الجنابة الحديث 5-6.P